ما العوامل التي تجعل الإمارات الخيار الأبرز للمستثمرين؟
10:02 - 11 نوفمبر 2025
تتعزز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كوجهة مفضلة للأثرياء والمستثمرين، لا سيما وأنها تجمع بين الاستقرار الاقتصادي والبيئة الضريبية الجاذبة والبنية التحتية المتطورة.
يعكس ذلك قدرة الدولة على تقديم مزايا استثمارية متميزة، إلى جانب برامج إقامة طويلة الأمد تمنح المستثمرين وعائلاتهم استقراراً في بيئة أعمال آمنة ومتقدمة.
في السنوات الأخيرة، لوحظ اتجاه متزايد لدى الأثرياء، خصوصاً من الصين، للبحث عن فرص إقامة واستثمار في الإمارات بدلاً من وجهات تقليدية مثل سنغافورة، وهو ما يعكس إحباطهم من صعوبة ترسيخ أنفسهم في الأسواق الآسيوية التقليدية.
كما تستفيد الإمارات من موقعها الاستراتيجي بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، ما يجعلها نقطة وصل مثالية للأعمال الدولية، إضافة إلى بيئة استثمارية مرنة، وقطاع عقاري مزدهر، ومستوى أمان عالي، وجودة حياة فاخرة. كل هذه العوامل مجتمعة تجعلها اليوم واحدة من أبرز الوجهات العالمية للأثرياء والمستثمرين الباحثين عن فرص نمو مستدامة وأصول آمنة، وهو ما يوضح التحول الكبير في ديناميكيات تدفق الثروات العالمية.
الأثرياء الصينيون
في هذا السياق، يشير تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إلى أن:
- عدد متزايد من الأثرياء الصينيين يحاول إنشاء مكاتب عائلية وتأمين الإقامة في الخليج.
- هذا الاتجاه يعكس الإحباط المتزايد إزاء الصعوبة المتزايدة في ترسيخ أنفسهم في سنغافورة، التي كانت منذ فترة طويلة وجهة شعبية للأثرياء الآسيويين.
- العام الماضي شهد زيادة في طلبات المواطنين الصينيين الراغبين بالانتقال إلى دبي وأبوظبي، وفقاً لمصرفيين خاصين ومستشارين لأثرياء العالم.
- ويُسهّل إنشاء مكاتب عائلية عملية الحصول على الجنسية أو الإقامة.
ونقل التقرير عن رئيس التخطيط العالمي للثروات والاستشارات العائلية في بنك ستاندرد تشارترد في سنغافورة، مايك تان، قوله عن أولئك الذين يستفسرون عن إنشاء مكاتب عائلية في الخليج: "إنهم ينجذبون إلى الخليج بسبب القدرة على الحصول على وضع الإقامة والعيش والتمتع بالاستقرار".
وقال تان إن عدد الاستفسارات بشأن دبي التي تلقاها بنك ستاندرد تشارترد من عملاء في شرق آسيا ارتفع بشكل كبير في العام الماضي، على الرغم من أن البنك رفض تقديم أرقام.
ويقول إن التأشيرة الذهبية الإماراتية، التي تمنح إقامة لمدة عشر سنوات وتتاح للمستثمرين وبعض أفراد الأسرة وبعض العمالة ذات المهارات العالية "جذابة للغاية، وهي مستقرة ومناسبة من الناحية الضريبية".
وذكرت السلطات في الإمارات العربية المتحدة أنها أصدرت ما يقرب من 80 ألف تأشيرة ذهبية في عام 2022، بزيادة حادة عن 47 ألف تأشيرة في العام السابق، وهي أحدث الأرقام المتاحة للجمهور، وفق التقرير.
ويشير التقرير إلى أن عدد الكيانات المرتبطة بالعائلات في المركز المالي في دبي بلغ 1000 كيان في نهاية النصف الأول من هذا العام، وفقاً للأرقام الرسمية، مقارنة بـ 800 كيان في نهاية العام الماضي و600 كيان في نهاية عام 2023. وبينما لا يوجد تفصيل للأصل، لكن المستشارين يقولون إن الكثير من الارتفاع يمكن أن يُعزى إلى الأفراد الصينيين.
مزايا فريدة
يقول الخبير الاقتصادي، الأمين العام السابق لمجلس الإمارات للمستثمرين في الخارج، جمال الجروان، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
- الإمارات باتت اليوم واحدة من أكثر الوجهات جذباً للمستثمرين العالميين والأثرياء؛ بفضل مزيج من السياسات الضريبية المواتية، والبنية التحتية المتقدمة، وبرامج الإقامة طويلة الأمد.
- البيئة الضريبية في الدولة تُعد من الأكثر تنافسية عالمياً، حيث لا توجد ضريبة دخل شخصية على المقيمين، ما يسمح للأفراد بالاحتفاظ بكامل دخلهم تقريباً، فضلاً عن عدم وجود ضريبة على الأرباح الرأسمالية أو الميراث، وهو ما يجعل تخطيط الثروة للأجيال القادمة أكثر جاذبية.
- ضريبة الشركات البالغة 9 بالمئة فقط فوق حد معين، مع تسهيلات "المناطق الحرة"، تعزز من مكانة الإمارات كمركز استثماري عالمي مفتوح.
- برامج الإقامة طويلة الأمد، مثل الإقامة الذهبية، توفر للمستثمرين وأصحاب الثروات فرصة الإقامة لمدة تصل إلى عشر سنوات، مع مزايا تشمل أفراد العائلة، ما يمنحهم استقراراً واستدامة في بيئة أعمال آمنة ومتطورة. كما يُعد الاستثمار العقاري أو تأسيس الشركات في الدولة من المسارات الفعّالة للحصول على الإقامة.
ويضيف: "القطاع العقاري في دبي يشهد عوائد استثمارية مرتفعة، سواء من حيث الإيجارات أو نمو القيمة الرأسمالية"، مشيراً إلى أن إمكانية التملك الحر للأجانب في مناطق محددة جعلت من السوق العقارية الإماراتية خياراً مفضلاً لدى المستثمرين الباحثين عن "أصل آمن ومربح".
كما يشدد على أن موقع الإمارات الاستراتيجي بين آسيا وأوروبا وأفريقيا يجعلها نقطة وصل مثالية للأعمال الدولية، مدعومة ببنية تحتية متطورة تشمل مطارات وموانئ عالمية، ومدارس ومستشفيات بمعايير دولية، وهو ما يجذب العائلات إلى الاستقرار فيها.
ويشير الجروان إلى أن مستوى الأمان العالي وجودة الحياة الفاخرة في مدن مثل دبي وأبوظبي والشارقة تجعلها من أكثر المدن جذباً عالمياً، موضحاً أن الإمارات لا تُعتبر فقط مركزاً مالياً، بل أيضاً “وجهة فاخرة” للحياة والعمل معاً.
ويختتم الجروان حديثه بالقول إن التحول الاقتصادي الذي تشهده الدولة نحو ما بعد النفط، واستثمارها الكبير في التكنولوجيا والابتكار والقطاعات المستقبليه، يرسخ مكانتها كبيئه مثاليه لنمو الثروه مؤكدا ان الامارات اصبحت اليوم احدى ابرز الملاذات الامنه للاثرياء والمستثمرين حول العالم.
دبي في الصدارة
وفق تقرير صادر عن شركة الوساطة العقارية العالمية سافيلز Savills Plc، فإن:
- دبي تتصدر قائمة المدن الأكثر ملاءمة للأثرياء عالمياً، التي صنّفت 30 مدينة حول العالم بناءً على جاذبيتها للأفراد من أصحاب الثروات العالية.
- دبي تستقطب موجة من الأثرياء الباحثين عن مزايا ضريبية جذابة، تشمل الإعفاء من ضرائب الميراث والأرباح الرأسمالية والثروة، إضافة إلى بنية تحتية قوية للعائلات ومستويات عالية من الأمان.
وأشار التقرير إلى أنه "في دبي، العديد من المدارس الدولية تسجل قوائم انتظار أطول مع انتقال عائلات جديدة إلى المدينة"، وفق ما نقلته بلومبيرغ.
وأضاف التقرير أن دبي تضم أكبر عدد من المدارس الدولية مقارنة بأي وجهة أخرى في المؤشر، بفارق كبير عن المدن المنافسة. وقالت شركة Savills إن الثروات العالمية تعافت من التراجع الذي شهدته في عام 2022، حيث سجلت منطقة آسيا والمحيط الهادئ أسرع وتيرة نمو بين جميع المناطق.
وأضاف التقرير أن عدد الأفراد الذين تتجاوز ثروتهم مليون دولار أميركي ارتفع بأكثر من 680 ألف شخص في عام 2024، بزيادة نسبتها 1.2 بالمئة على أساس سنوي، متوقعاً أن ينضم أكثر من 5 ملايين مليونير جديد بحلول عام 2029.
مزايا استثمارية
يؤكد عضو المجلس الاستشاري الوطني لمعهد CISI، الخبير الاقتصادي وضاح الطه، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
- المزايا الاستثمارية التي تتمتع بها دولة الإمارات جعلتها تتصدر المرتبة الأولى من حيث الجاذبية الاستثمارية واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية عبر الاستثمار الأجنبي المباشر.
- هذا التفوق مستمر منذ سنوات.. ومن المتوقع أن تواصل الإمارات تصدرها أيضاً في عام 2025 على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
- المزايا لا تتعلق فقط بالبنية التحتية المتقدمة أو قوة الجهاز المصرفي، بل تشمل أيضاً البيئة القانونية المرنة التي تستوعب المتغيرات الدولية بسرعة وكفاءة، ما خلق جاذبية استثنائية جعلت الإمارات وجهة مفضلة لرؤوس الأموال العالمية.
ويضيف: العامل الجغرافي لعب دوراً مهماً، خاصة فيما يتعلق بفروقات التوقيت بين الشرق والغرب، مما يجعل الإمارات نقطة توازن مثالية للمستثمرين، ولا سيما الآسيويين منهم، مثل المستثمر الصيني الذي يجد سهولة أكبر في إدارة تعاملاته مقارنة بمناطق مثل سنغافورة أو أوروبا.
ويشير إلى أنه خلال عام 2024 شهدنا موجة كبيرة لهجرة الأثرياء والمليونيرات من بريطانيا، حيث انتقل عدد كبير منهم إلى الإمارات، خصوصًا إلى دبي، لافتاً إلى أن التوقعات للعام الجاري 2025 تشير إلى مواصلة ذلك الاتجاه (..).
ويؤكد الطه أن هذه الظاهرة انعكست بشكل واضح على بعض القطاعات الاقتصادية، وخاصة القطاع العقاري الفاخر، إذ احتلت دبي المرتبة الأولى عالمياً في جذب الاستثمارات العقارية الفاخرة، أي العقارات التي تتجاوز قيمتها 10 ملايين دولار.
ويختتم بالقول إن قوة البنية التحتية، ومرونة القوانين، وحرية التملك والتحويل، ودرجة الأمان العالية، كلها عوامل رئيسية وراء هذه الجاذبية المتواصلة، مؤكدًا أن هذه الظاهرة ليست مؤقتة، بل مرشحة للاستمرار لسنوات مقبلة.







